الأربعاء، ٩ يناير ٢٠٠٨

لن يرأف بكم مترئف يا كاردينال.. إذ بأنفسكم لم ترأفوا.. ولن ترأفوا..

بأيديكم أوصلتم لبناننا إلى الهاوية يا غبطة الكاردينال البطريرك صفير.. وإلاّ قل لنا .. ما مقومات قيام ذلك اللبنان .. الذي تخشى القضاء عليه بالتطاحن والخصام..؟

.. في عظة الميلاد التي بها وعظ الناس.. الجزيل الاحترام.. غبطة الكاردينال نصر صفير.. بطريرك الطائفة المارونية اللبنانية.. سأل لا فض فوه ولا عدمه حاسدوه.." كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه من سوء حال ..؟ ونكاد نقضي على مُقومات وطننا من جرّاء ما بيننا من تجاذب وتطاحن وخصام، كيف قضينا على نظامنا الديموقراطي وما يُوفره لنا من حرية ، قد لا نجدها في ما حولنا من بلدان.. " ولبنان الذي إياه تبكي وتنعى .. يا غبطة الكاردينال البطريرك.. الذي تساءلت عمّا إذا كان قد بلغ مسامع المسئولين (فيه) أن هناك بعض التلامذة ، يذهبون إلى المدرسة وهم يتضورون جوعاً؟ أما آن الأوان ليقظة نتنبه معها إلى ما صرنا إليه من فراغ قاتل، وان هذا الوطن هو لنا جميعاً ، فنرأف به ليرأف بنا وبمستقبل أجيالنا الطالعة ..؟ ".. ... لبنان ذاك يا غبطة الكاردينال البطريرك الجزيل الاحترام.. وأنت تتساءل وتسأل قلقاً على الوطن.." الذي هو لنا جميعاً .. والذي يجب أن نرأف به ليرأف بنا " .. أهاب بنا لنسأل غبطتكم.. عن الأسباب التي دفعت الملايين من اللبنانيين .. لهجر لبنان إلى مهاجر الله البعيد منها جداً والقريب جداً.. إلى بلاد الأمريكان والآسيويين والأفريكان وكل مكان وفي كل زمان.. هذا بدأ يا نيافة البطريرك الكاردينال.. منذ ما بعد الربع الأول من القرن الثامن عشر.. أيام قرر من قرر منكم ومن غيركم .. أن تكون هذه البقعة اللبنانية من أرض الجغرافيا السورية.. لفئة مُعَيَنَة من ناسها.. دون الناس الآخرين الذين كانوا قد ذابوا منذ زمن طويل.. في البوتقة السورية التي لبنان من عناصرها.. وبدأت الاضطرابات والاختلافات والتباينات والمتمايزات والتعالي والتفاخر.. الأمور التي أدت إلى التصادمات.. ومنذ ذلك الحين اشتعلت النار في لبنان الهادئ المستقر.. وما زالت مُشتعلة حتّى الآن .. وستظل مُشتعلة والهجرة من لبنان ستظل مستمرة.. مُشَرِّقة مغربه وسوف تستمر.. وجذورها لم تبدأ الآن .. في الأحوال التي هو فيها لبنان.. لأن الحال بلبنان.. كان منذ ذلك الزمان .. كما هو الآن.. لا استقرار ولا طمأنينة وما من أمان.. بل زعامات مزعومة لمصالحها تعمل وتسعى.. شاءت لبنان مزرعة لمطامعها.. وجندت البسيطين السذج .. بمقولات لبنان الفينيقي تارة.. والماروني تارة أخرى والدرزي مرة ثالثة .. فكان الاقتتال وسفك الدماء والصراع على السلطة.. وكان الهرب إلى المهاجر تَخَلُصاً من الأوضاع المأساوية التي كانت تسود لبنان.. والتي استمرت تسود فيه.. ما تواصلت تلك المطامع.. حتى وصل لبنان إلى ما هو فيه الآن.. واللبنانيون في المهاجر يزيد عددهم أضعافاً مضاعفة عما هو في لبنان.. لماذا كان ذلك وما زال.. يا غبطة الكاردينال البطريرك الجزيل الاحترام.. ؟ أيام ذاك كان الأطفال أيضاً يتضورون جوعاَ.. وما كانوا يذهبون إلى المدارس.. لأن الاقتتال كان يقف سداً منيعاً في وجه افتتاحها لاستقبال الأطفال..وما ترأف مترئف بحال الأمة وأجيالها الطالعة.. لأنها لم تكن أمة يا غبطة الكاردينال البطريرك الجزيل الاحترام.. بل كانت شريحة من أمة سورية تامة.. ليس لها أو فيها أية مقومات للحياة مستقلة عن أمتها..و لا حياة لها إلاّ بجذورها السورية .. التي ثبت بالتجارب والبراهين .. أنها ستموت بدونها.. والأمثال التي مرَّ بها لبنان كثيرة وفيرة.. لا حصر لها ولا عد.. وآخرها عندما أغلقت سوريا ما يُسَمّى الحدود بينها وبين لبنان.. فلو لا أنها فُتِحت سريعاً رأفةً بالأهل في لبنان لكانت المجاعة.. ولو استمرت لما كان أمام لبنان إلاّ البحر .. الشَرْذَمَة التي تهدد الوطن بأجمعه .. والتي عنها حّدَّثْتُم مؤخراً من تَحَدَّثْتُم إليه.. كُرِّسَت باطلاً واقعياً.. بمساع ما أنتم غرباء عنها.. في الأول من أيلول من عام 1920م.. يوم وقف الجنرال الفرنسي هنري غورو في بيروت .. وفي جمع منكم ومِنْ من ساير الفرنسيس في جريمتهم النكراء .. مُعلناً لبنان دولة لأحفاد الصليبيين النبلاء.. بعد أن زار دمشق زيارة فاتح شامت.. ودخل المسجد الأموي ببسطاره العسكري .. ووضع رجله على قبر صلاح الدين الأيوبي.. مُحَرِر القدس وطارد منتحلي المسيح والمسيحية .. الذين أسموا أنفسهم بالصليبيين.. وخاطبه باستعلاء ما بعده استعلاء .. بقوله .. هانحن قد عدنا يا صلاح الدين.. وبهذا كنتم أول شرذمة من الشراذم التي تستنكرها اليوم .. كنتم أول الشراذم التي أرادت أن تفرض رأيها على الآخرين.. الأمر الذي تستنكرونه اليوم.. لأنكم لم تستطيعوا فرض رأيكم.. وترفضون فرض الآخرين آراءهم عليكم.... أليس هذا هو الواقع الذي أنتم فيه الآن يا نيافة البطريرك الكاردينال..؟ ... بأيديكم أوصلتم لبنان .. إلى الحال الأسوأ الذي هو فيه.. وهو صائر إلى ما هو أدهى وأمَرّ إذا استمررتم متنابذين في عصبيات وعرقيات وطوائف.. تشد الحبال إليها لتكون لها المغانم.. والحل والخلاص يا كاردينال.. أن تلزم كنيستك مُتَفَرِغاً لعبادة ربك.. وكذلك يفعل الآخرون من أمثالك.. من جميع الأديان والملل والنحل والعصبيات والعرقيات.. التي استيقظت في لبنان.. يوم فَرَضَت شرذمة فيه ذاتها .. على الشراذم الأخرى.. بعد إذ كانوا جميعاً غير مُتَفَرِقين.. ويعود لبنان إلى جذوره .. ليذوب فيه.. فلا ماروني ولا سنّي ولا شيعي ولا درزي.. بل كلكم سوري لسوريا الواحدة الموحدة.. والدين لله وسوريا للجميع.. وإلاّ لن يرأف بكم مترئف يا كاردينال.. إذا بأنفسكم لم ترأفوا..

ليست هناك تعليقات: